الأطفال والشاشات: كيف يؤثر وقت الشاشة على نمو الطفولة المبكرة؟
                        
                     
                    
                 
             
            
                ________________________________________
الأطفال والشاشات: كيف يؤثر وقت الشاشة على نمو الطفولة المبكرة؟
مقدمة :
في زمن أصبحت فيه الشاشات جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، بات من الطبيعي أن نرى الأطفال يستخدمون الأجهزة الذكية منذ سنواتهم الأولى. ومع سهولة الوصول إلى المحتوى الرقمي، قد يظن البعض أن هذه الوسائل توفر ترفيهًا وتعليمًا آمنًا للأطفال. لكن ما يغيب عن كثير من الأهالي هو التأثير العميق الذي قد يُحدثه الإفراط في استخدام الشاشات على نمو الطفل، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة التي تُعد حجر الأساس لتطور المهارات العقلية واللغوية والاجتماعية.
هذا المقال يسلط الضوء على نتائج دراسات حديثة تحذر من مخاطر التعرض المفرط للشاشات، ويوجه الأسر نحو فهم أعمق لكيفية دعم نمو أطفالهم بطريقة صحية ومتوازنة. فالتوعية تبدأ من البيت، والقرار بيد الوالدين لصنع بيئة غنية بالتفاعل والتجربة، بعيدًا عن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا.
________________________________________
ماذا تقول الدراسات؟
وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة Common Sense Media، فإن ما يقرب من نصف الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 8 سنوات أو أقل لديهم جهاز لوحي خاص بهم، ويقضون في المتوسط حوالي 2.25 ساعة يوميًا أمام الشاشات الرقمية.
وقد وجدت دراسة حديثة نُشرت في مجلة طب الأطفال التابعة للجمعية الطبية الأمريكية أن وقت الشاشة قد يرتبط بتأخر النمو لدى الأطفال الصغار.
 شملت الدراسة ما يقرب من 8000 طفل، واعتمدت على تقارير أولياء الأمور حول استخدام الشاشات في عمر سنة واحدة، ومتابعة مهارات النمو في عمر سنتين وأربع سنوات.
أظهرت النتائج أن الأطفال الذين تعرضوا لأكثر من أربع ساعات من وقت الشاشة يوميًا في عمر السنة، أظهروا تأخرًا في مهارات التواصل وحل المشكلات، بالإضافة إلى تأخر في المهارات الحركية الدقيقة والاجتماعية.
وتدعم هذه النتائج دراسات سابقة، منها دراسة بارزة أجرتها المعاهد الوطنية للصحة (NIH) عام 2018، والتي وجدت أن الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعتين يوميًا أمام الشاشات يحصلون على درجات أقل في اختبارات اللغة والتفكير، وأن من يقضون أكثر من سبع ساعات يوميًا يعانون من ترقق في قشرة الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن التفكير النقدي والمنطقي.
________________________________________
رأي الخبراء
تقول الدكتورة جينيفر ف. كروس، طبيبة أطفال متخصصة في النمو والسلوك في مستشفى نيويورك-بريسبتيريان كومانسكي للأطفال:
"هناك أدلة متزايدة على احتمال وجود بعض التغيرات الهيكلية في الدماغ المرتبطة بزيادة وقت استخدام الشاشات في مرحلة الطفولة المبكرة."
وتضيف:
"إذا كان الأطفال الصغار يقضون معظم وقتهم في استخدام أجهزة iPad أو الهواتف الذكية أو التلفزيون، وهي كلها وسائل ترفيهية للغاية، فقد يصعب إشراكهم في أنشطة غير إلكترونية، مثل اللعب بالألعاب لتنمية الخيال والإبداع، واستكشاف الأماكن الخارجية، واللعب مع الأطفال الآخرين لتنمية المهارات الاجتماعية المناسبة."
________________________________________
كيف يؤثر وقت الشاشة على التعلم؟
يتطور نمو الأطفال بسرعة، خاصةً في السنوات الثلاث الأولى من حياتهم.
 فهم يتعلمون من خلال استكشاف بيئتهم ومراقبة البالغين وتقليدهم. لكن الإفراط في استخدام الشاشات قد يُعيق هذا النوع من التعلم الطبيعي، ويؤدي إلى ما يُعرف بـ"الرؤية الضيقة"، حيث ينشغل الطفل بالشاشة ويغفل عن العالم الحقيقي من حوله.
عندما يُشاهد الطفل صورة على الشاشة، فإنه لا يحصل على نفس القدر من المعلومات التي يحصل عليها من التفاعل الحقيقي. فمثلاً، لن يتعلم الطفل كيفية تكديس المكعبات من خلال الفيديو، بل سيتعلمها من خلال لمسها، والشعور بوزنها، وتجربة موازنتها بنفسه. هذا النوع من اللعب يُعزز مهارات حل المشكلات والإبداع.
________________________________________
نمو اللغة والانتباه
يتطور نمو اللغة بشكل ملحوظ بين عمر سنة ونصف وثلاث سنوات. وقد أظهرت الدراسات أن الأطفال يتعلمون اللغة بشكل أفضل عند التفاعل المباشر مع البالغين، من خلال الحديث واللعب. أما الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلًا أمام التلفاز، فقد يُظهرون ضعفًا في الانتباه وأداء أقل في اختبارات القراءة خلال سنوات الدراسة الأولى.
________________________________________
ماذا يمكن أولياء الأمور فعله؟
•	تقليل وقت الشاشة اليومي، خاصة للأطفال دون سن الثالثة.
•	تشجيع اللعب الحر بالألعاب اليدوية والمجسمات.
•	تخصيص وقت يومي للتفاعل المباشر مع الطفل: الحديث، القراءة، اللعب.
•	توفير أنشطة حركية واستكشافية في الهواء الطلق.
•	مراقبة المحتوى الرقمي والتأكد من ملاءمته لعمر الطفل.
________________________________________
✅ خلاصة
التكنولوجيا جزء من حياتنا، لكنها لا يجب أن تكون البديل عن التفاعل الإنساني والتجربة الحسية التي يحتاجها الطفل لينمو بشكل صحي. التوازن هو المفتاح، ودور الأسرة لا يُستبدل بأي شاشة.
المصدر :
https://healthmatters.nyp.org/
اعداد /د.عبير الخلفي 
QBA-IBA
            
            
         
        
     
    
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن